تخطى إلى المحتوى

انا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال ولو كان محقا

    انا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال ولو كان محقا

     

    عَنْ أَبي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: “أَنا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ في رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِراءَ وَإِنْ كانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ في وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَإِنْ كانَ مازِحًا، وَبِبَيْتٍ في أَعْلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ”

    للتفصيل: من هنا

    (قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنا زعيم) أي: ضامن وكفيل، ومنه قوله تعالى: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}

    (ببيت) أي: بقصر في الجنة، ومنه حديث: “بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب”

    (في ربَض) بفتح الموحدة وبالضاد المعجمة (الجنة) قال في “النهاية”: هو ما حولها خارجًا عنها تشبيهًا بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع (4). انتهى.
    وظاهر السياق أن ربض الجنة أسفلها

    (لمن ترك المراء) وحد المراء هو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه، إما في اللفظ، وإما في المعنى، وإما في قصد المتكلم

    (وإن كان) في اعتراضه (محقًّا) وترك المراء بترك الإنكار والاعتراض، فكل كلام سمعته فإن كان حقًّا فصدق به، وإن كان باطلًا ولم يكن متعلقًا بأمور الدين فاسكت عنه. والطعن في كلام الغير تارة يكون من لفظه بإظهار خلل فيه من جهة النحو أو من جهة اللغة والعربية أو من جهة النظم والترتيب، وإما في المعنى بأن يقول: أخطأت في قولك كذا وكذا، وإما في قصده بأن يقول: هذا الكلام حق لكن ليس قصدك فيه الحق، إنما أنت صاحب غرض.
    قال في “النهاية”: يقال للمجادلة: مماراة لأن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه، ويمتريه كما يمتري الحالبُ اللبن من الضرع .
    ولفظ رواية الترمذي: “من ترك المراء وهو مبطل بنى اللَّه له بيتًا في ربض الجنة، ومن تركه وهو محق بنى له في وسطها” وإنما حصل له هذا لشدة ذلك على النفس، وكثير ما طبعت عليه من الشبقية المحبة للقهر والغلبة على الغير، وأكثر ما يغلب ذلك في المذاهب والعقائد، فإن المراء طبع، فإذا علم أو ظن أن له عليه ثوابًا اشتد حرصه عليه وتعاون الطبع والشرع، وذلك خطأ محض.

    (و) أنا زعيم (ببيت) أي: قصر (في وسَط الجنة) والوسط بفتح السين: منزلة وسطى بين الربض والأعلى، ويستعمل الوسط بمعنى الخير، ومنه الحديث: “الوالد أوسط أبواب الجنة”

    (لمن ترك الكذب) من كلامه (وإن كان) فيه (مازحًا) فالمزح مطايبة وانبساط مع الجليس؛ لتطييب قلبه ومؤانسته، وهو مشتق من زحت الشيء عن موضعه وأزحته عنه إذا نحيته؛ لأنه تنحية له عن حد القول.

    (و) أنا زعيم (ببيت في أعلى الجنة من حسن) بتشديد السين (خلقه)

    راجع شرح سنن أبي داود لابن رسلان رحمه الله