تخطى إلى المحتوى

شرح حديث الرفق لايكون في شيء الا زانه (المقال الثاني)

    شرح حديث الرفق لايكون في شيء الا زانه (المقال الثاني)

     

    الحديث الأول: قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ] رواه مسلم: 1828

     

    قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام:

    والحديث دليل على أنه يجب على الوالي تيسير الأمور على من وليهم والرفق بهم ومعاملتهم بالعفو والصفح وإيثار الرخصة على العزيمة في حقهم لئلا يدخل عليهم المشقة ويفعل بهم ما يحب أن يفعل به الله اهـ.

     

    قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين:

    وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من تولى أمور المسلمين الخاصة والعامة فيقع على الإنسان أن يتولى أمر بيته وعلى مدير المدرسة يتولى أمر مدرسته وعلى المدرس يتولى أمر الفصل وعلى الإمام يتولى أمر المسجد .

    ولهذا قال: من ولي من أمر أمتي شيئا وشيئا نكرة في سياق الشرط وقد ذكر علماء الأصول أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم أي شيء يكون فرفق بهم فارفق به اهـ.

     

    • معنى الرفق في الحديث

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين:

    ولكن ما معنى الرفق ؟ قد يظن بعض الناس أن معنى الرفق أن تأتي للناس على ما يشتهون ويريدون وليس الأمر كذلك بل الرفق أن تسير بالناس حسب أوامر الله ورسوله ولكن تسلك أقرب الطرق وأرفق الطرق بالناس ولا تشق عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله فإن شققت عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله فإنك تدخل في الطرف الثاني من الحديث وهو الدعاء عليك بأن يشق الله عليك والعياذ بالله .

    يشق عليك إما بآفات في بدنك أو في قلبك أو في صدرك أو في أهلك أو في غير ذلك لأن الحديث مطلق فاشقق عليه بأي شيء يكون وربما لا يظهر للناس المشقة قد يكون في قلبه نار تلظى والناس لا يعلمون لكن نحن نؤمن بأنه إذا شق على الأمة بما لم ينزل الله به سلطانا فإنه مستحق لهذه العقوبة من الله تعالى اهـ.

     

     

    الحديث الثاني: عن جرير بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من حرم الرفق حرم الخير أو من يحرم الرفق يحرم الخير ] رواه مسلم: 2592

     

    قال السندي رحمه الله في حاشيته على سنن أبي داود:

    عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول بِالْجَزْمِ لِكَوْنِ مَنْ شَرْطِيَّة أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَة وَالرِّفْق مَنْصُوب عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول ثَانٍ وَنَائِب الْفَاعِل ضَمِير مَنْ أَيْ مَنْ جَعَلَهُ اللَّه تَعَالَى مَحْرُومًا مِنْ الرِّفْق مَمْنُوعًا مِنْهُ فَقَدْ جَعَلَهُ مَحْرُومًا مِنْ الْخَيْر كُلّه إِذْ الْخَيْر لَا يُكْتَسَب إِلَّا بِالرِّفْقِ وَالتَّأَنِّي وَتَرْك الِاسْتِعْجَال فِي الْأُمُور . اهـ.

     

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين:

    يعنى أن الإنسان إذا حرم الرفق في الأمور فيما يتصرف فيه لنفسه وفيما يتصرف فيه مع غيره فإنه يحرم الخير كله أي فيما يتصرف فيه فإذا تصرف الإنسان بالعنف والشدة فإنه يحرم الخير فيما فعل .

     

    وهذا شيء مجرب ومشاهد أن الإنسان إذا صار يتعامل بالعنف والشدة فإنه يحرم الخير ولا ينال الخير وإذا كان يتعامل بالرفق والحلم والأناة وسعة الصدر حصل على خير كثير وعلى هذا فينبغي للإنسان الذي يريد الخير أن يكون دائما رفيقا حتى ينال الخير . اهـ.

     

     

    الحديث الثالث: عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه ] رواه مسلم: 2593

     

    قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :

    ومعنى يعطي على الرفق أي يثيب عليه مالا يثيب على غيره وقال القاضي معناه يتأتى به من الاغراض ويسهل من المطالب مالا يتأتى بغيره اهـ.

     

    والحديث فيه أن الله سبحانه يحب الرفق وينبغي للإنسان أن يتصف بهذه الصفة حتى يحبه الله سبحانه وتعالى.

     

    وفيه إثبات صفة المحبة لله عز وجل كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى

    ولا يجوز تحريف صفات الله إلى معان لا تدل عليها النصوص بأن تفسر المحبة بإرادة إعطاء الثواب !!

    ونسأل الله أن يجعلنا من الذين أحبهم وأحبوه

     

    وفيه أن من أسماء الله سبحانه وتعالى الرفيق وينبغي دعاء الله بهذا الاسم العظيم اللهم يا رفيق ارفق بنا ويسر أمورنا

     

    انظر:

    شرح حديث الرفق لايكون في شيء الا زانه