تخطى إلى المحتوى

شرح حديث لا تزول قدما عبد

    شرح حديث لا تزول قدما عبد

     

    عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ.

    هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ [أخرجه الترمذي في سننه]

     

    شرح الحديث:

    قال العلامة فيصل بن مبارك رحمه الله في كتاب تطريز رياض الصالحين:

    قوله: «لا تزول قدما عبد» أي: من موقفه للحساب حتى يسأل عن عمره فيما أفناه أفي طاعة أم معصية، وعن عمله(1) فيم عمله لوجه الله تعالى خالصًا أو رياء وسمعة.

    وعن ماله من أين اكتسبه، أَمِنْ حلال أو حرام؟ وفيما أنفقه أفي البر والمعروف أو الإسراف والتبذير؟ وعن جسمه فيما أبلاه أفي طاعة الله أو معاصيه؟. انتهى.

     

    والحديث فيه:

    أن نعيم الدنيا مسئول عنه يوم القيامة، مصداقاً لقوله تعالى: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} [التكاثر: 8]

    وقوله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم”

     

    ولا يدخل في الحديث من لا حساب عليه، وهم الزمرة السابقة إلى الجنة أولا الذين يقال للنبي صلى الله عليه وسلم فيهم: أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن وكذلك من يدخل النار من أول وهلة قال تعالى: {يُعرَفُ المُجرِمُونَ بِسِيمَاهُم فَيُؤخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقدَامِ} (انظر كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي رحمه الله)

     

    وفيه أن السؤال عن العمر هو أولها، يعني: سواء كان كهلاً أو شاباً أو شيخاً، يسأل عن عمره في أي شيءٍ شغله، ويسأل أيضاً عن شبابه في أي شيءٍ شغله وصرفه، فإذا كان قد صرفه في خير أجاب بجواب نافع مفيد، وأما إذا صرفه في اللهو والسهو فإنه يكون في ذلك متحسراً ولا يجد جواباً.

     

    وفيه أن العبد يستعد في الدنيا للإجابة عن هذه الأسئلة يوم القيامة.

     

    وفيه أهمية الوقت وأنه يجب على العاقل أن يهتم بشغل فراغه فيما يعود عليه بالفائدة العائدة عليه بالخير في دنياه وأخراه.

     

    قال العلماء: ذكر – في الحديث- من هذه الخصال العمر كله، وخص الشباب مع أنه من جملة العمر، وذلك أن عادة الشباب ميلهم إلى اللهو واللعب والبطالة وإضاعة الوقت.

     

    وفيه الحث على حل المكسب وطيب المأكل والمشرب، وهو أمر واجب على جميع المسلمين، بل إن خبث المكسب من أسباب رد الدعاء وعدم استجابته، وهذا شر عظيم على ابن آدم

    فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: [الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك] أخرجه مسلم.

     

    والحديث فيه الترهيب والتخويف من أن يعلم ولا يعمل بعلمه ويقول ولا يفعل

     

    وفيه الحث على الصدقة والإنفاق في وجوه الخير

     

    وفيه ذكر سؤال الله لأهل العلم عن علمهم ماذا عملوا فيه، وهذا يوجب الخشية والتقوى وألا يتكلم العالم إلا بما يعلم وأن يعمل بعلمه.

     

    تنبيه: جاء في بعض الروايات: [وعن حبنا أهل البيت] 

    وهذه اللفظة غير صحيحة  كما بين ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة: 1922

     

    فائدة: قال بعض العلماء: سمي المال مالا لأنه يميل القلوب عن الله تعالى (انظر الفيض القدير للعلامة المناوي رحمه الله)

     ________ 

    (1) هكذا في النسخة الإلكترونية