تخطى إلى المحتوى

شرح حديث من صام رمضان ايمانا واحتسابا

    شرح حديث من صام رمضان ايمانا واحتسابا

     

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

    أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما.

     

    المعنى الإجمالي للحديث :

    أن من صام رمضان مصدقا وإيمانا بفرضيته , محتسبا الأجر والثواب غفر له ما تقدم من ذنبه.

    وهناك تفاصيل تذكر في الشرح الموسع إن شاء الله.

     

    تعريف الصيام:

    في اللغة اللغة: أصله الإمساك، تقول: صام عن الكلام إذا أمسك عنه ومنه قوله تعالى: { فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا } [مريم:26] أي: إمساكاً عن الكلام.

    وفي الشرع: إمساك مخصوص من شخص مخصوص بنية مخصوصة.

    وقال بعض العلماء في تعريفه: الإمساك عن الطعام والشراب والجماع – يعني عن المفطرات – بنية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

    وعُرِّف أيضاً بأنه : التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

    واشتراط النية في الصيام وإدخالها في الحد هو معنى التعبد لله سبحانه وتعالى ، يعني نية التقرب لله سبحانه وتعالى بهذه العبادة.

     

     

     

    شرح مفصل لحديث من صام رمضان

    قوله : ( إيمانًا ) ، يريد تصديقًا بفرضه وبالثواب من الله تعالى ، على صيامه.

     

    وقوله : ( احتسابًا ) ، يريد بذلك يحتسب الثواب على الله ، وينوى بصيامه وجه الله.

    وقال الخطابي احتسابا أي عزيمة وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه (الفتح)

    وهذا الحديث دليل بين أن الأعمال الصالحة لا تزكو ولا تتقبل إلا مع الاحتساب وصدق النيات.

    ولا يجزئ صوم رمضان إلا بنية من الليل ، كما ذهب إليه جمهور أهل العلم خلافا لأبي حنيفة واسحاق والأوزاعي.

    ويخرج من هذه الفضيلة العظيمة من كان يصوم رياء وسمعة.

     

    وقوله : ( غفر له ما تقدم من ذنبه ) قول عام ويراد به الصغائر.

     

     

     

    مسائل مهمة متعلقة بالحديث 

    مسألة: هل المغفرة في الحديث تشمل الصغائر والكبائر

    ذهب جمهور أهل العلم أن المراد بذلك سائر الذنوب الصغيرة وأما الكبائر فلابد فيها من التوبة وبعض أهل العلم ذهب أن الحديث عام ويراد به جميع الذنوب صغيرها وكبيرها

    قال ابن بطال رحمه الله في شرحه على البخاري:

    قول عام يُرجى لمن فعل ما ذكره في الحديث أن يغفر له جميع الذنوب : صغيرها وكبيرها ؛ لأنه لم يستثن ذنبًا دون ذنب اهـ.

     

     

    مسألة إذا لم يصم بعض أيام رمضان لمرض هل يدخل في الحديث

    قال العيني رحمه الله في عمدة القاري: فإن قيل المعذور كالمريض إذا ترك الصوم فيه ولو لم يكن مريضا لكان صائما وكان نيته الصوم لولا العذر هل يدخل تحت هذا الحكم الجواب نعم كما أن المريض إذا صلى قاعدا لعذر له ثواب صلاة القائم قاله العلماء اهـ.

     

    مسألة مهمة :

    قال النووي رحمه الله : وقوله صلى الله عليه و سلم من قام رمضان ايمانا واحتسابا وغير ذلك فكل هذه الفضائل تحصل سواء تم عدد رمضان أم نقص والله أعلم

     

    مسألة أحوال الناس مع الصيام

    والناس في الصيام على ثلاثة أحوال

    منهم من يصوم عن الأكل والشرب ويفعل بجوارحه ما يفعله من الذنوب والمعاصي.

    ومنهم من يصوم عن الأكل والشرب مع ترك الذنوب وفعل الطاعات لكن بقلب غافل

    وأقوام يصومون عن الأكل والشرب مع فعلهم الواجبات والمسنونات وتركهم المنكرات والمحذورات مع قلب حاضر ذاكر خاشع .

     

    مسألة من صام رمضان هل يقال له غفر الله ذنبك؟

    قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في القول المفيد:

    وكذا نقول: من صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه، ولكن لا نحكم بهذا لشخص معين، إذ إن الحكم المعلق على الأوصاف لا ينطبق على الأشخاص إلا بتحقق شروط انطباقه وانتفاء موانعه.اهـ.

     

     

     

    فوائد مستفادة من حديث من صام رمضان ايمانا واحتسابا

    1_ فضل رمضان، وفضل صيامه وكونه يكفر الذنوب المتقدمة.

    2_ أن الصيام الذي هو عمل من أعمال الجوارح جزء من الإِيمان لقوله – صلى الله عليه وسلم – من صام رمضان إيماناً. وإذا كان الصوم جزءاً من الإِيمان، فإن هذا يدل على أن جميع الأعمال الصالحة من الإِيمان أيضاً.

    3_ وفيه أهمية النية وهي ركن من أركان الصيام.

    4_ وفيه فضل الله عز وجل ورحمته بالعباد إذ جعل هذا الأجر العظيم في هذه الأعمال اليسيرة.

    5_ فيه خطورة الرياء والسمعة إذ صاحبه محروم من الأجر العظيم بل عمله مردود عليه.

    6_ والحديث رد على من قال لا يقال رمضان, والأدلة على استعمال هذا اللفظ كثيرة.

    7_ وفيه أن صيام رمضان من أسباب مغفرة الذنوب لكم بقيد الإيمان والاحتساب

     

     

    المراجع والمصادر

    1. صحيح الإمام البخاري
    2. صحيح الإمام مسلم
    3. شرح النووي على صحيح مسلم
    4. شرح صحيح البخاري لابن بطال
    5. عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني الحنفي
    6. فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر
    7. فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي
    8. القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين
    9. الإلمام بشيء من أحكام الصيام للراجحي

    واقرأ: تنكح المرأة لأربع حديث