تخطى إلى المحتوى

الشكر في الاسلام

    المقدمة: الشكر في الاسلام من أهم العبادت التي يجب عليك أن تجعلها خالصة لله عز وجل، سواء كانت تلك النعم ظاهرة أو باطنة، لذلك قال عنها بعض السلف أن شكر الله على نعمه نصف الدين، لذلك أتينا في هذا المقال بمعنى الشكر، لماذا نشكر الله تعالى؟، وما لفرق بين الحمد والشكر؟.

     

     

    معنى الشكر لغةً واصطلاحاً

     يمكننا تعريف الشكر لغة واصطلاحاً على النحو التالي ليسعنا فهم الشكر في الاسلام بشكل صحيح.

    أولًا الشكر لغًة: هو أن تعترف بالإحسان، فالشكر معناه في اللغة هو أن يظهر أذر الغذاء على جسد الدواب، والشكور هو الذي يسمن الدواب من على القليل من العلف.

    أما معنى الشكر اصطلاحًا هو:

    الشكر هو نظير الإحسان، المقدم لصاحب الفضل والخير، والله سبحانه وتعالى هو المستحق للشكر لنعمه وفضله على جميع الخلائق.

    من لا يشكر الناس لا يشكر الله

    شكر النعم في الإسلام

    شكر النعمة

     

     

    لماذا نشكر الله تعالى؟

    شكر الله عز وجل لا يحتاج لسبب أو أجر حتى نشكر الله عز وجل على نعمه لنا، فقد قال تعالى”والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون” سورة النحل:78.

    وقال أحد السلف في وصف الشكر في الاسلام: “أن شكر الله هو ترك معصيته”.

     

     

    أساليب الشكر وأهميته:

    في البداية سنوضح لكم أساليب الشكر في الاسلام لله سبحانه وتعالى، فمن أعظم أساليب الشكر لله على النعم هو أداء الفرائض والحرص على النوافل، والإكثار من دعاء الله عز وجل وحمده في السراء والضراء. كذلك التقرب لله عز وجل بالجرواح والأعمال.

    فيمكننا توضيح أنواع الشكر على أنه ثلاثة أنواع وهما:

    • شكر باللسان: وذلك بالحمد والدعاء والثناء.
    • شكر بالقلب: بالخضوع والاستكانة لله عز وجل، من خلال أداء الفرض والنوافل.
    • شكر بالجوارح: بالامتثال لأوامر الله والبعد عن نواهيه.

    وهذا شرح ما قاله الإمام ابن القيم (رحمه الله): “الشكر يكون : بالقلب : خضوعاً واستكانةً ، وباللسان : ثناءً واعترافاً ، وبالجوارح : طاعةً وانقياداً”.

     

     

    ما هي أهمية الشكر؟

    قال تعالى:”وإذ تأذن ربكم  لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد”، فتبين أن فضل أهمية شكرك لله عز وجل أن تأمن غضبه سبحانه وتعالى عليك في الدنيا وعذابه لك في الآخرة، وذلك لقوله تعالى: “ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم”.

    وسبب لرضى الله عز وجل عليك و زياده عطائه وكرمه عليك، ذلك لقوله:”لئن شكرتم لأزيدنكم”.

     

     

    أركان الشكر في الاسلام

    لكي يتحقق كمال الشكر في الاسلام على نعمة الله عليك يجب أن يتوافر فيه شروط الشكر، والتي لا يمكن أن يصح بدونهما. وهما على النحو التالي:

    أولًا: الاعتراف بنعمة الله عز وجل:

    وهي أن تقر وتعترف بنعم الله عليك، وأن لا تنسب نعمه لأحًد من خلقه سبحانه وتعالى. فالعباد هم أسباب لا أكثر للحصول على نعم الله عز وجل. والله تعالى هو مسبب الأسباب ومسخرهم لك كوسيلة للحصول على النعم. 

    تجد هذا جليًا عندما يرزق الله دون سبب أو وسيلة لذلك وتجد رزقك أمامك أو تجد شفائك من مرض متعصي دونما علاج أو سبب. لكن عقل الإنسان كثيرًا ما يجحد حق الله وفضله ونعمه وينسبها لغيره.

    ففي النهاية يجب علينا شكر الناس معتقدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” من لا يشكر الناس لا يشكر الله”.

    فعن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن برر كافر بالكوكب. وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب”.

    فاجعل شكرك كله لله عز وجل، واعترف بفضله ونعمه عليك. أما الناس فأدي شكرهم بالعرفان والجميل والدعاء لهم ولكن يقينًا منك أنهم مجرد أسباب لله عز وجل وحسب. وأن الله تعالى هو صاحب النعم ومسبب الأسباب.

    ثانيًا: التحدث بنعم الله عز وجل والثناء عليه:

    قال تعالى: “وأما بنعمة ربك فحدث”، فالتحدث بنعم الله عز وجل لخلقه وكرمه وفضله عليك من أركان شكره والاعتراف بفضله ونعمته عليك.

    أما الثناء فيكون بالتعبد والتقرب له بالدعاء والصلاة والتصدق وغيرهم من العبادات، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم الليل كله في الثناء على الله سبحانه وتعالى.

    فجاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت” فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلمست المسجد فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان وهو يقول: أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك؛ وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك”.

    ثالثًا: تسخير النعمة في طاعة الله:

    فمن حسن الشكر في الإسلام أن تستخدم النعم في طاعة الله عز وجل، أما من قبح الفعل أن تستخدم نعم الله عليك في معاصيه. فيوجب عليك غضبه وسلبها منك. 

    فقد قال تعالى: “اعملوا آل داوود شكرًا”، أي اعملوا شكرًا لله لنعمه وفضله عليكم، والمراد بالعمل هنا الامتثال لأوامر الله عز وجل وتجنب معاصيه والحرص على رضاه.

     فإن أعطاك الله المال فلا تنفقه في المعاصي واللهو وفعل المحرمات، وإن أعطال الصحة فلا تستخدمها في قهر الضعيف والافتراء عليه.

    لكن عليك أن تنفقك نعم الله عليك من صحة ومال وجاه في الحلال الطيب وفيما ينفع العباد، فتنشر الخير بنعم الله ليزيدك من نعمه ويرضى الله عليك فيي ادلنيا والآخرة.

    ” فقد روي أن أبا حازم جاءه رجل فقال له: ما شكر العينين؟ قال: إن رأيت بهما خيرًا أعلنته، وإن رأيت بهما شرًّا سترته. قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت خيرًا وعيته، وإن سمعت بهما شرًّا أخفيته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقًّا لله- عزَّ وجلَّ- هو فيهما، قال فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعامًا، وأعلاه علمًا، قال فما شكر الفرج؟ قال: كما قال الله- عزَّ وجلَّ-: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 5 – 7]، قال: فما شكر الرِّجْلَيْنِ؟ قال: إن رأيت حيًّا غبطته بهما عمله، وإن رأيت ميتًا مقته كففتها عن عمله، وأنت شاكر لله- عزَّ وجلَّ، فأما من شكر بلسانه، ولم يشكر بجميع أعضائه، فمثله كمثل رجل له كساء، فأخذ بطرفه، ولم يلبسه، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر” “عدة الصابرين”.

     

     

    مالفرق بين الحمد والشكر؟

    الحمد أعم من الشكر، فالشكر يكون عند نزول النعم عليك من الله سبحانه وتعالى، أما الحمد فيكون في السراء والضراء. فنقول في السراء “الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات”، أما في الضراء نقول “الحمد لله على كل حال”. كذلك نجد أن الحمد يكون باللسان والقلب. أما الشكر فيكون بالقلب واللسان والجوارح فنجد سجدة الشكر في الاسلام ولا نجد سجدة الحمد. 

     

     

    كيف نصلي صلاة الشكر في الاسلام؟

    يتعقد الكثير من المسلمين أن هناك ما يسمى بصلاة ركعتين شكر لله، ولكن الصحيح هو سجدة الشكر، فإذا وهبك الله سبحانه وتعالى بنعم فعليك أن تستقبل القبلة وتكبر ولا ترفع يديك، ثم وتسجد سجدة واحدة تسبح لله بحمده وتشكره على نعمته وفضله عليك، ثم ترفع من السجود بدون تشهد ولا سلام.

     

     

    هل يشترط استقبال القبلة في سجود الشكر؟

    لا يشترط في سجود الشكر لله استقبال القبلة أو ستر العورة أو الطهارة أو الوضوء،  حتى مع العلم بها وقدرتك على فعلها. فسجدة الشكر هي السجود لله مسرعًا لحمده وشكره والثناء على نعمته.

    في نهاية مقالنا اليوم عن الشكر في الاسلام، نكون قد أوضحنا لكم أساليب الشكر وأهميته، وكيف نصلي صلاة الشكر في الاسلام؟، هل يشترط استقبال القبلة في سجود الشكر؟، لكي نجني ثمار شكر الله عز وجل على نعمه من رضى وزيادة والعفو عنا في الدنيا والآخرة.